الوصية الأخيرة
اسأل نفسك ؟!
هل تلوَّثت أصابعك بكتابة مواقع الفجور والإباحة على الكيبورد وتصفحتها ؟
هل تلوَّثت عيناك بمشاهدة الأفلام الإباحية ؟
هل تلوَّثت عيناك برؤية العورات، والصور العارية؟
هل تلوَّث قلبك برؤية المومسات والشواذ والشذوذ؟
هل تلوَّثت يداك بفعل العادة السرية ؟
هل تلوَّثت جوارحك بالتحرش اللفظي أو السمعي أو المرئي أو الحسي ؟
هل تلوَّث دبوسك بالزنى وفعل الحرام والكبائر ؟
إن كانت الإجابة بـ"نعم" على إحدى تلك الأسئلة أو بعضها أو كلها، فلتسأل نفسك هذا السؤال الأهم :
هل تشعر بقبح الذنب الذي فعلت ؟!
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الأمر بقوله:
(تُعرَضُ الفِتَنُ على القُلوبِ عَرْضَ الحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فأيُّ قلبٍ أُشْرِبَها نُكِتَتْ فيه نُكتةٌ سَوداءُ، وأيُّ قلبٍ أنْكَرَها نُكِتَتْ فيه نُكتةٌ بيضاءُ، حتى يصِيرَ القلبُ أبيضَ مثلَ الصَّفا، لا تَضُرُّه فِتنةٌ ما دامَتِ السمواتُ والأرضُ، والآخَرُ أسودَ مُربَدًّا كالكُوزِ مُجَخِّيًا، لا يَعرِفُ مَعروفًا، ولا يُنكِرُ مُنكَرًا، إلا ما أُشْرِبَ من هَواه).
والإنسان في المعاصي على حالين، فإما أن يقبل هذه المعاصي إلى حين ائتلافها والاعتياد عليها، وفي كل مرة يفعل فيها المعصية تُنكَت في قلبه نكتة سوداء، وإما أن يُعرِض عنها ويرفضها، فيكون في قلبه نكتة بيضاء دلالة على رضى الله تعالى، وقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم القلب الذي يحرص على المعاصي بالكوب المنكوس الذي لا ينتفع من شيء، ولا فائدة منه .
إذن ...
لماذا نعصي الله ونطيع الشيطان وهو عدونا اللدود ؟!
قال تعالى": ﴿ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾
فمن المعلوم عداوة الشيطان للإنسان من بداية الخلق، وتأخذ العداوة أبعادا مختلفة، ومنها تزيين الشيطان للمعاصي والذنوب، وتجسينها في نظر العبد، والشيطان عنده من الذكاء ما يكفي ليوقع العبد في المعصية، التي ترتبط بمواطن الضعف في قلبه، فيركز عليها ويحيك شباكه وينظم الخطط من خلالها، وهي مكمن الخطر .
فهل بعلمنا بعداوة الشيطان، جعلنا نكره الشيطان حقا كما هو يكرهنا ؟!
هل نعلم ونحن نفعل الذنب أنه هو من يجرنا ويدفعنا إليه لنقع فيه ؟!
إن أكبر الذنوب هو التسليم الكامل لإرادة الشيطان يتحكم فينا كيف يشاء
وأعظم الذنوب عدم استحضار عظمة الخالق واستخفافنا بالذنب.
قال بعض السلف:
" لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظمة من عصيت"
وقال ابن مسعود :
"المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن المنافق يرى ذنوبه كذباب مر بأنفه فقال به هكذا، أي هشه بيده"
ادخل جوه ونفسك وكن صادقا لمرة واحدة وحدد :
أيهما أنت ؟!
-------------------
الأثار السلبية للذنوب
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم:
(إنَّ الرجلَ ليُحرَمُ الرزقَ بالذنبِ يصيبُهُ، ولا يردُّ القدرَ إلا الدعاءُ، ولا يزيدُ في العمرِ إلا البرُّ)
ومن صور هذه الأثار السلبية :-
- استحواذ الشيطان على العبد العاصي
قال تعالى: " اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ" .
- الحرمان من نور العلم الذي هو نعمة من الله على عبده
فاكتساب العبد للذنوب يؤدي إلى الظلام، فعندما أُعجب الإمام مالك بذكاء تلميذه الإمام الشافعي -رحمهما الله- قال له:
(إني أرى أن الله قد ألقى على قلبك نورا فلا تطفئه بظلمة المعصية).
- الشعور بالوحشة والوحدة في القلب
وتبدأ الوحشة بين العبد وربه، ثم تنتقل مع العباد، حتى يشعر بها أقرب الناس إليه، فلا يجد في نفسه حلاوة العيش والحياة مع الصالحين، وإنما يرغب في مجالسة الفاسدين وأصدقاء السوء .
- الحرمان من الرزق
فسعة الرزق مرتبطة بتقوى الله، وإن أكثر ما يجلب الفقر هو البعد عن تقوى الله وطاعته، قال تعالى "ومن يتق الله يرزقه من حيث لا يحتسب" وقال أيضا " ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى" .
- نزع البركة من العمر
فمن أقبل على الذنوب ضاعت أيامه، قال سليمان الداراني رحمه الله:
(لا تفوت أحدًا صلاة الجماعة إلا بذنب).
- الذل في نفسه
فالعزيز من أطاع الله -تعالى- وخالف هواه، يقول سليمان التيمي: (إن الرجل ليصيب الذنب في السر فيصبح وعليه مذلته).
- الهوان على الله وعلى الناس
ومن هان على الله -تعالى- فلا عزة له بحال من الأحوال، وينزع كرامته من أهل المعصية، بخلاف أهل الطاعة، يقول أبو الدرداء رضي الله عنه:
(إن العبد ليخلو بمعصية الله تعالى فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعر).
- فقدان البصيرة وانعدام الغيرة، فيغدو يستحسن القبيح، ويستقبح الحسن.
- ذهاب الحياء
فيصبح العاصي غير مُبالٍ باطلاع الناس على قبح ما يفعل، فيُجاهر دون خوف من الله تعالى أو حياءٍ من عباده.
- إلف الذنوب والمعاصي والاعتياد عليها
فبعض العُصاة يصل إلى التفاخر بمعصيته دون أن يرى قُبحها، ويتألم بالبعد عنها.
- الغفلة في القلب
فتكاثر الذنوب يؤدي إلى صدأ القلب، يقول الحسن رحمه الله:
(هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب)، فيشعر وكأن على قلبه غلاف ويأسره الشيطان.
- نزول النقم
يقول ابن القيم: (ومن تأثير المعاصي في الأرض: ما يحل بها من الخسف والزلازل، ويمحق بركتها، وكثير من هذه الآفات أحدثها الله -تعالى- بما أحدث العباد من الذنوب)،
فعاقبة اقتراف الذنوب وخيمة بالدنيا والآخرة، فالمذنب إن لم يُعجّل بالتوبة في الدنيا، فهو في الضنك والضيق في الدنيا، وفي العذاب المقيم في الآخرة.
- سوء الخاتمة
يقول العزيز الجبار:
"فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ"
وبعد هذا كله ألا زلت تستحسن الذنب ؟! سأتركك تجيب أخي الحبيب
وفي النهاية أدلك على الخلاص في قول واحد دون شرح طويل وتفسير كثير
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم:
"ما من عبدٍ يُذْنِبُ ذنبًا فيتوضأُ، فيُحْسِنُ الطُّهورَ ثُمَّ يقومُ فيُصلِّي ركعتينِ، ثُمَّ يستغفرُ اللهَ بذلكَ الذنبِ، إلَّا غُفِرَ لَهُ"
وقالت عائشة رضي الله عنها:
" أقلوا الذنوب، فإنكم لن تلقوا الله عز وجل بشيء أفضل من قلة الذنوب"
ونصيحتي:
اهرب هروبك من الأسد من كل ما يثير الفتنة بداخلك، ولو بكلمة مثيرة لا يستطيع قلبك مقاومتها
عافانا الله وإياكم ورزقنا التوبة والإخلاص وأن يختم لنا بصالح الأعمال
وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
ستجدون في أول تعليق بوست سابق للشباب
Post a Comment